17 عام و مسيرة الكفاح و النضال تتواصل دفاعا عن القضية نحو تجسيد الحرية و الاستقلال  للشعب الفلسطيني

تابعنا على:   08:00 2019-06-16

نبيل دياب

17 عام  مضت على انطلاقة حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية التي أصبحت واحدة من الركائز الكفاحية في مسيرتنا التحررية و مرحلة البناء الاجتماعي ... انها الحركة التي استطاعت أن ترسي قواعدها و تنظم صفوفها على امتداد محافظاتنا الفلسطينية و في الشتات ... انها التكوين الابداعي الخلّاق الذي أبدع تكوينه من آمن بحرية الشعب الفلسطيني  و حقه في استرداد كل ما سلبه منه الاحتلال منذ أن وطأت قدمه أرضنا الفلسطينية ، إنهم عظماء تلاقوا في مفترق الطرق المؤدي للعودة و يتجه نحو القدس العاصمة الأبدية لفلسطين الذين ضاقت بهم المعاناة و يتوقون للحرية و الانعتاق من الاحتلال ، انهم الغر الميامين الذين استخلصوا العبر و استفادوا من تجارب و دروس المراحل التي واكبتها قضيتنا الوطنية  فهم الذين تعمقوا فكرا و صمموا بإرادة صلبة لا تلين و لن تنكسر على المضي قدما لإنقاذ ما تبقى لنا من هويتنا الوطنية التي طالما تعرضت للطمس و التزييف و التذويب .... فجاؤوا من غزة ... الضفة ... القدس و من الشتات ليرسخوا مبادئها قواعد راسخة لتمثل استراتيجيتها الوطنية و الكفاحية 
حيدر عبد الشافي ... مصطفى البرغوثي .... ابراهيم الدقاق و ادوارد سعيد و في السابع عشر من حزيران يونيو أعلنوا بتوقيت زمني موحد عن انطلاقتها ليجسد هذا الإعلان وحدة الوطن الفلسطيني الذي لا يقبل التجزئة أو فصل مكوناته و عزلها مثلما يحاول الاحتلال ،  وطن  يشهد عودة اللاجئين الى ديارهم و قراهم ليتجسد هذا الحق الذي لن  يسقط بالتقادم و لا يستطيع أيا كان إسقاطه من حساباته مهما كانت الاسباب و الذرائع ... و لم يقبلوا عبر رؤيتهم السياسية الثاقبة  أنصاف الحلول فقدموا لشعبنا رؤية تنويرية تجمع ما بين النضال الوطني التحرري و النضال الاجتماعي اللذان لا ينفصلان مهما تغيرت الظروف لأننا نتوق للاستقلال و نتوق أيضا للعدالة الاجتماعية و المساواة .... فجسدوا عبر المرتكزات الأساسية " القيادة الوطنية الموحدة التي تتبنى استراتيجية كفاحية موحدة و تعزيز الصمود الوطني للناس و بناء و توسيع حركة التضامن الدولي و تصعيد المقاومة الشعبية الجماهيرية الواسعة ضد الاحتلال و سياساته العنصرية و توسعه الاستيطاني و استنهاض طاقات الشعب الفلسطيني في كل مكان و تجميعها ، باتت تشكل برنامجا سياسيا كفاحيا له هوية فكرية وطنية و تنتهج نهجا نضاليا متكاملا أصبح و بكل فخر و اعتزاز محل اجماع شعبي ووطني .
هذه الحركة – حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية –  التي استطاعت  خلال اعوامها ال17 و بامكانيات متواضعة أن تصبح رقما وطنيا لا يمكن و لا بأي حال من الاحوال تجاوزها أو القفز عنها و أصبحت مكون فعال من مكونات منظمة التحرير الفلسطينية لتوظف طاقاتها لتناضل من داخل اروقتها دفاعا عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني. 
قياداتها ... كوادرها ... أعضاؤها ... و مناصروها وطنيون يلتفون حول منهجية فكرية كفاحية أرسى قواعدها من يشهد لهم القاصي و الداني بطهارة اليد و نقاوة الفكر و حكمة الرؤية و الموقف ... تطوعوا ليكونوا ملتصقين بشعبهم و همومه ... مدافعين حقيقيين عن حقوقه .... مناضلين صناديد في طليعة النضال و في مقدمة الصفوف  ، هذه الحركة التي كانت السبّاقة لابتكار أساليب المقاومة الشعبية الجماهيرية بأشكالها المتنوعة لا سيما حملات المقاطعة التي حققت انجازات فعلية على نظام الابارتهايد الذي كرسته دولة الاحتلال ،  ووجهت ضربات موجعة للاحتلال و قطعان مستوطنيه و عبرها أماطت اللثام عن الوجه الزائف لحكومة المتطرفين و المستوطنين و ما زالت تبذل قصارى جهدها جنبا الى جنب كل شرفاء و مناضلي شعبنا لإسقاط جدارها العنصري و تواجه بقوة الحق سياسات التطهير العرقي و التمييز العنصري التي يمارسها جنرالات الاحتلال وقطعان مستوطنيه ، فحققت العديد من الانتصارات في المحافل الدولية و ساهمت في تعزيز روايتنا الفلسطينية بحقيقتها التي طالما دأب الاحتلال على تزييفها و خداع العالم و أعادت لأروقته المختلفة و من خلال حركة تضامنية دولية متينة الصورة المشرقة للنضال التحرري الذي يخوضه شعبنا و لعبت دورا رياديا في عقلنة السياسة الفلسطينية و أعلنت بجرأة عن عدمية النهج  التفاوضي الذي أدخل قضيتنا في ظلمات النفق و لم تكتف بذلك بل أوجدت بديلا متوازنا يجمع بين الاستمرار بمقارعة الاحتلال بالتوازي مع ارساء قواعد مؤسساتنا الفلسطينية و التحلل من القيود التي كبلها الاحتلال بها  جراء نهج اوسلو و ما تبعه من انابوليس و خارطة الطريق و الاوهام و الوعودات الامريكية و امنت بضرورة الاحتكام للغة الحوار و تقبل الاخر و تحقيق الشراكة السياسية الحقيقية  و الحفاظ على نسيجنا الوطني و الاجتماعي في وحدة متكاملة الذي يعزز جبهتنا الداخلية و دافعت و ما زالت عن مطالب الاغلبية الصامتة و تنحاز اليهم و تلتصق بهمومهم و خاضت تجارب انتخابية مختلفة و سجلت العديد من الانتصارات في الجامعات و المعاهد و لم تؤل و لم تدخر جهدا الا و بذلته لتحقيق تطلعات الشرائح الاجتماعية المختلفة من عمال و فلاحين و مزارعين و مرأة و شباب طلبة و خريجين .
إذ تأتي هذه الذكرى في غمرة ما تواجهه قضيتنا الوطنية من مخاطر كبيرة تتمثل في محاولات شطبها و إيجاد حلول منقوصة و مجتزأة أو كما تدعي الإدارة الأمريكية بابتكارها لحلول إقتصادية لم و لن يقبلها شعبنا لطالما يجري تمريرها على حساب حقوقنا الوطنية المشروعة ، فإن حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية و من منطلق إيمانها العميق بضرورة إجهاض تلك المحاولات و التصدي لها عبر موقف وطني موحد نادت به و ما زالت تنادي بضرورة استعادة الوحدة الوطنية و تحقيق الشراكة السياسية لسد الثغرات التي يتسلل عبرها أعداء الشعب الفلسطيني ليفرضوا سياساتهم الخبيثة ، و أنها تجدد موقفها الداعي لتسخير كل الطاقات لإفشال محاولات تمرير ما بات يعرف بصفقة القرن و قطع الطريق أمام ما تقوم به بعض الأطراف لتسويقها سواء بقبولها لعقد ما تسمي بورشة البحرين و المشاركة فيها أو بتسريع خطوات تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال .
إن المواقف الوطنية المشرفة التي تعبر عنها حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية من مختلف القضايا سواء السياسية أو ذات الشأن الوطني العام و هموم شعبنا لم تكن نابعة إلا من المنطلقات و المباديء التي يقوم عليها نهج مبدأي و واقعي يضع في الأولوية المصالح الوطنية العليا لشعبنا الفلسطيني و عدم المساس بالثوابت الوطنية أو الالتفاف عليها بذرائع و مسميات مختلفة . 
 فإن هذه الحركة الرائدة التي يتعاظم دورها في ساحتنا الفلسطينية  أصبحت كيانا و نواة نضالية متجددة الفكر و المنهج حري بها أن يلتف حولها و حول مبادئها السامية  كل من يؤمن بعدالة قضيتنا الوطنية  سيما و أنها جاءت لتستنهض طاقات شعبنا الخلاقة و توظف ابداعاته في مواصلة النضال ،  حري بنا ايضا أن نظل اوفياء للمبادئ التي رسخها في عقولنا مؤسسها الراحل الوطني الكبير الدكتور حيدر عبد الشافي و يمضي على خطاه أمينها العام المناضل الدكتور مصطفى البرغوثي و معه الآلاف ممن هم تواقون للحرية و الاستقلال و العدالة الاجتماعية و المساواة و العيش الكريم في كنف دولة ديمقراطية مستقلة تتمتع بسيادتها الوطنية تصان فيها كرامة الناس و تتكافأ فيها الفرص و تسودها العدالة في التوزيع و  تحترم فيها الحريات العامة و لا تنتهك فيها حقوق الانسان ... دولة حرة مستقلة  ترقى لحجم التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا بألاف الشهداء و الجرحى و المعتقلين و المشردين ... دولة تعيد لنا التلاحم و التكاتف و تنأى بنا عن الصراعات و العنف يحيا بها أطفالنا المحرومين منذ زمن بعيد بوطن حر  ليمارس الفلسطينيون على حد السواء حياتهم بكرامة  كسائر شعوب المعمورة .

اخر الأخبار